رحلة الروح
إعداد: إميل سمعان
ما هي الروح:
من الصعوبة وضع تعريف محدد للروح دون الوقوع في تناقضات كثيرة. فهذا الموضوع يُعد واحد من أغرب الأفكار في تاريخ الجنس البشري. كما أنه يتميز بالغموض الشديد الذي يحيط به مما يجعل به صعوبة بالتعريف. فبالإضافة لتمتعه بخصائص ميتافيزيقية فإن الروح تتمتع بخصائص مادية أيضاً!!
فمن جهة هي توجد “في الجسد” أو “متحدة به” بشكل أو بآخر سواء كانت متمركزة في جزء منه مثل القلب أو الرأس أو الدم أو منتشرة في الجسم كله. أو مرافقة لجسد الإنسان ومرتبطة به بكيفية ما.
لهذا هناك اختلاف كبير حول مكان وجود الروح فمنهم من يقول بانها موجودة بالقلب ومنهم من يقول موجودة بالعقل أو بالدم أو في منطقة "عجب الذنب".
ولكن دعونا أولاً نعرّف ما هي الروح وهل الروح هي النفس. فكثيرون يربطون بين المصطلحين ويعتقدون بأنهما واحد والحقيقة بإنهما يختلفان الواحد من الآخر.
الروح هي الطاقة ومصدرها في الجسد وبدون الروح لا يمكننا أن نعيش.
النفس هي الذات.
ولتفسير هذا, نعطي مثالاً بسيطاً. فعلى سبيل المثال السيارة, فهيكل السيارة هو الجسد, الطاقة التي يعمل بها المحرك هي الروح والسائق الذي يقود السيارة هو النفس.
لهذا فإن الجسد بحاجة للروح لكي يحيا ولكن الروح لا تحتاج للجسد لكي تحيا...
بالنسبة للدين فإن جميع الديانات السماوية متفقة بأن الروح من عند ربنا. وعند موت الإنسان ترجع هذه الروح إلى ربها لحسابها ودخولها للجنة او لجهنم!!! للتنويه, بالديانة اليهودية يؤمنون بأن كل الأرواح طاهرة ونقية والأعمال الحسنة عند الشخص تفوق دائماً الأعمال السلبية, لذا لا يمكن للروح إلا أن تذهب للجنة. ومفهوم جهنم عندهم يختلف من عند المسلمين إذ أن الروح حتى ولو تعاقب فهي تُعاقب لمدّة 12 شهراً لا غير لتنقيتها وصقلها وبعدها ترجع الى مكانها الطبيعي بالجنة.
والمؤمنون بالتقمص وتناسخ الأرواح مثل الطائفة المعروفية الدرزية يقولون بأن الروح عند رجوعها لربنا يتم صقلها وتنقيتها وتنظيفها من كل شائبة وبعدها يرجعها الله حسب مشيئته لجسم أو جسد شخص آخر.
بالنسبة لغير المتدينين او اللذين لا يؤمنون بالأديان, يعتقدون بأن الروح تأتي من الكون الفسيح كما يتم اللقاح بين الشجرة أو الزرع وتنبت الأشجار ثانيةً هكذا يحصل عندما تُلقّح البويضة مع السائل المنوي فهذا يُحدث نوع من خلق الروح بين الإثنين.
بالإضافة, هناك إختلاف حول دخول الروح للجسم, قسم يقول بأن الروح تدخل للجنين في شهره الثالث, وقسم آخر يقول في اللحظة التي يتم اللقاح بين السائل المنوي للبويضة وقسم يقول بأن الروح تدخل الجسد وقت الولادة عند خروج الرضيع من الرحم.
من هنا نرى إختلاف بين شرائح مختلفة بالمجتمع إذا كانوا أخصائيين ومهنيين أو كانوا رجال دين أو غيرهم حول الروح.
ولكن الأمر الذي أجمع عليه جميع رجال الدين على مختلف إنتماءاتهم الدينية رفضهم لعملية الإجهاض لأن بها "قتل روح" حسب أقوالهم.
دعونا نتّفق بأن الروح تُلد بريئة ومنصّعة ومنقّاه من كل الخطايا, بدون ذنوب وناصعة البياض. هذه الروح تبدأ "تتلوث" إن صحّ التعبير, في جيل المراهقة وتزداد بالتلوّث مع التقدّم بالسن. فمنهم من يكتشف نفسه ويقوم بالتصحيح الذاتي ومنهم من يستمر في تلويث نفسه جارياً وراء رغباته الذاتية دون النظر إلى إحتياجات ورغبات الآخرين. لأن لكل شخص منّا له رسالة محددة بالحياة وأرسلت الروح لكي تقوم بهذا العمل أو ذاك. لهذا يحصُل هذا التفاوت بين الأرواح والأشخاص في الحياة المادية التي نعيشها على الأرض.
ولكن بالنهاية كلنا أولاد الله ولن يكون هناك عدل بأن الشخص يترك إبنه يتعذب بالنار أو بالجحيم لأنه أخطأ وأكبر شهادة على ذلك قصة الإبن الضال في الكتاب المُقدس.
ويجب التنويه بأنه لا جنس للروح ولا لون ولا طائفة فالروح واحدة موحدة من عند خالقها مهما يكن معتقد الشخص. والروح تدخل لذلك الشخص بدون إختياره الشخصي.
فأنا مع الرأي السائد بأنه لا يوجد عذاب جهنم ولكن ممكن للروح ان تُحاسب على فعلتها بالحياة المادية والتي نعيشها لتستقر بالنهاية بالعالم الآخر في حال لم ترجع وتتلبس أو تتقمص جسد آخر مادي.
هناك إفادات كثيرة بالكتب وممن درسوا رحلة الروح وقابلوا أشخاص كثيرون ممن ماتوا لبضع دقائق وتم إحيائهم بأنهم بعد الوفاة بلحظات يشعر ويرى هذا الشخص وكأن نور من السماء هبطت عليه وإنفتح دهليز من النور تعبره الروح من خلاله, لتُصقل وتُهذّب وتمر أمامه سيرة حياته الكاملة خلال ثوانٍ معدودة مثل المرآة, ورأوا نور ساطع يستقبلهم هذا النور لونه أبيض ناصع.
بلا أدنى شك, بأن الروح هي من الأسرار العميقة التي لا يمكن تفسيرها ولا يمكن تحديد مصدرها وهذا لغز سيستمر مدى إستمرار الحياة ولا يمكن التأكد من صحته أو عدم صحته.
ملاحظة: كما ذكرت وأذكر دائماً, بأن هدفي من الموقع ومن الكتابة هي تزويدكم بالمعلومات, هناك من يوافق وهناك من يعارض على كتاباتي وهذا منطقي جداً. ومن منطلق حرية التعبير عن الرأي وإحترام الرأي الآخر أدعوكم للكتابة والنقاش البناء للمساهمة في بناء مجتمع مثقف وحضاري. لذا أطلب منكم التعليق الموضوعي والتعبير عن آرائكم بكل مهنية ومصداقية.
لكل موضوع فائدة..... ومع كل فائدة متعة.....
أتمنى للجميع الحياة السعيدة وتحقيق الذات.
الإخصائي إميل سمعان
زورونا في المركز وستشعرون بالتغيير