بحث وإعداد: إميل سمعان
بدايةً وقبل الحديث عن أنواع الشخصيات دعونا أعزائي القراء نعرف ما هي الشخصية. إذ توجد عدّة تعريفات للشخصية, فيمكن تعريفها بمجموعة من أساليب التفكير والتصرف وإتخاذ القرارات والمشاعر المتأصلة والفريدة لشخص معين.
بدأت دراسة وتحليل شخصية الإنسان من اليونانيين القدماء وخاصة من أبو قراط الذي إعتقد إن الإختلاف في الشخصيات بين بني البشر يرجع إلى إختلاف نسب ما وصفه بالسوائل الحيوية الأربعة وهي حسب أبو قراط: الدم, المادة الصفراء من مرارة الإنسان, المادة السوداء من مرارة الإنسان والبلغم. فعلى سبيل المثال إعتقد أبو قراط أن "الشخصية الدموية" تكون ذات صفات متفائلة ومحبة للمغامرة بعكس "الشخصية البلغمية" التي تكون غير مبالية.
بعد أبو قراط حاول أرسطو تحليل الإختلاف في الشخصيات فقام بتفسيرها حسب قسمات الوجه والبناء الجسمي للشخص فعلى سبيل المثال إعتقد أرسطو أن الأشخاص ذوي البنية النحيفة يكونون عادة خجولين.
وقام داروين بتحليل الشخصية كعوامل غريزية إكتسبها المرء من غرائز البقاء الحيوانية.
أما سيغموند فرويد فقد حلل شخصية الإنسان بصراع بين الأنا السفلى والأنا والأنا العليا.
وعرّف مورتون الشخصية بأنها حاصل جمع كل الإستعدادات والميول والغرائز والواقع والقوى البيولوجية الموروثة وكذلك الصفات والميول المكتسبة.
ويقول شن أن الشخصية هي التنظيم الديناميكي في نفس الفرد لتلك الإستعدادات الجسمية والعقلية الثابتة نسبياً التي تعتبر مميزاً خاصاً للفرد وبمقتضاها يتحدد أسلوبه في التكيف مع ومن البيئة.
هناك من يقول بأن الشخصية هي سلوك متأصل في نفس الفرد ومستمد من موروثه الجيني والتربوي ويتميز به كل فرد عن ومن سواه.
بمعنى أن هناك إستعداد جيني لدى الفرد لانتهاج سلوك معين في الحياة يتزاوج مع أسلوب التربية في فترة الطفولة والمراهقة فينتج الفرد بسماته المختلفة مثلاً حساس, شكاك, عنيف, نرجسي, متردد. ولا يقتصر التأثير غير الجيني على أسلوب تربية الوالدين وإنما تتأثر شخصية الفرد بأفكار المجتمع المحيط به وحديثًا بأفكار العالم الواسع الكبير.
كيف تتكون الشخصية:
توجد الكثير من النظريات التي تحدد شخصية الإنسان ولكنها وإن إختلفت في ظاهرها فإنها تتفق على عوامل أساسية في تكوين الشخصية وهي :
النواحي الجسمية: مما لا شك فيه أن النواحي الجسمية تؤثر في الحالة النفسية وبالأخص في الناحية الإنفعالية والمزاجية التي تعتمد في أساسها علي التركيب الكيميائي والدموي.
النواحي العقلية: تنقسم إلى العمليات والقدرات العقلية, فالعمليات العقلية هي كل ما يتصل بالإحساس والإدراك والتصور والتخيل والقدرة علي التفكير والتعلم, أي كل العمليات التي يقوم بها العقل لتكوين الخبرات المعرفية, أما القدرات العقلية فهي الإستعدادات التي يزود بها الفرد وتساعده على إكتساب الخبرة مثل الذكاء.
النواحي المزاجية: يقصد بالنواحي المزاجية الإستعدادات الثابتة نسبياً المبنية علي ما لدى الشخص من الطاقة الإنفعالية مثل الحالات الوجدانية والطبائع والمشاعر والإنفعالات من حيث سرعة إستثارتها أو بطئها وقوتها أو ضعفها. والدوافع الغريزية تعتبر هي أبرز نواحي الشخصية ويعتقد بعض علماء النفس أن الشخصية ما هي إلا نواحي مزاجية فقط.
النواحي الخلقية: يقصد بها العادات والميول أساليب السلوك المكتسبة وتتكون الصفات الخلقية لدى الفرد نتيجة ما يمتصه من البيئة الخارجية التي تحيط به سواءً عن طريق المنزل أو المدرسة أو المجتمع وهي أكتر مكونات الشخصية قابلية للتغير والتطور.
النواحي البيئية: يقصد بالبيئة جميع العوامل الخارجية التي تؤثر في الشخص من بدء نموه سواء كان ذلك متصلاً بعوامل طبيعية أو إجتماعية مثل العادات والنظم التربوية والظروف الأسرية والمدرسية.
وهنا سنعرّف, أعزائي القراء, أنواع الشخصيات وطرق التعامل معها. وأنماط البشر والذين تختلف شخصياتهم وبناء عليه تختلف طريقة تعاملنا معهم.
الإنسان الودود ذو الشخصية البسيطة:
- هاديء وبشوش وتتميز أعصابه بالإسترخاء.
- طيب القلب ويرحب بزواره ومقبول من الآخرين.
- لديه الشعور بالأمان.
- يثق بالناس ويثق أيضاً بنفسه.
- يرغب في سماع الإطراء من الآخرين.
- حسن المعاملة والمعشر وكثير المرح.
- يتحاشى الحديث حول العمل.
- يرى نفسه بخير والآخرين بخير أيضاً.
كيف نتعامل معه؟
- قابله بإحترام وحافظ على الإصغاء الجيد.
- المحافظة على مناقشة الموضوع المطروح وعدم الخروج عنه.
- حاول العمل على توجيه الحديث إلى الهدف المنشود.
- تصرّف بجدية عند الحاجة.
الشخص المتردد:
- يفتقر إلى الثقة بنفسه.
- تظهر عليه علامات الخجل والقلق.
- تتصف مواقفه غالباً بالتردد.
- يجد صعوبة في إتخاذ القرار.
- يضيع وسط البدائل العديدة.
- يميل للإعتماد على اللوائح والأنظمة.
- كثير الوعود ولا يهتم بالوقت.
- يطلب المزيد من المعلومات والتأكيدات.
- يرى نفسه أنه ليس بخير والآخرين بخير.
كيف نتعامل معه؟
- محاولة زرع الثقة في نفسه.
- التخفيف من درجة القلق والخجل بأسلوب الوالدة الراعية.
- ساعده على إتخاذ القرارات وأظهر له مساويء التأخير في ذلك.
- إعمل على توفير نظام معلومات جيد لتزويده.
- أعطه مزيداً من التأكيدات.
- أفهمه أن التردد يضر بصاحبه وبعلاقته مع الآخرين.
- أفهمه أن الإنسان يُحترم بثباته وقدرته على إتخاذ القرار.
الشخص العنيد:
- يتجاهل وجهة نظرك ولا يرغب في الإستماع إليها.
- يرفض الحقائق الثابتة ليظهر درجة عناده.
- صلب, قاس في تعامله.
- ليس لديه إحترام للآخرين ويحاول النيل منهم.
كيف نتعامل معه؟
- أشرك الآخرين معك لكي توحد الرأي أمام وجهة نظره.
- أطلب منه قبول وجهة نظر الآخرين لمدة قصيرة لكي تتوصلوا إلى إتفاق.
- أخبره بأنك ستكون سعيداً لدراسة وجهة نظره فيما بعد.
- إستعمل أسلوب: نعم..... و لكن....
الشخص الخشن:
- قاسي في تعامله حتى أنه يقسو على نفسه أحياناً.
- لا يحاول تفهم مشاعر الآخرين لأنه لا يثق بهم.
- يكثر من مقاطعة الآخرين بطريقة تظهر تصلبه برأيه.
- يحاول أن يترك لدى الآخرين إنطباعاً بأهميته.
- مغرور في نفسه لدرجة أن الآخرين لا يقبلوه.
- لديه القدرة على المناقشة مع التصميم على وجهة نظره.
- يرى نفسه أنه بخير ولكن الآخرين ليسوا بخير.
كيف نتعامل معه؟
- إعمل على ضبط أعصابك والمحافظة على هدوئك.
- حاول أن تصغي إليه جيداً.
- تأكد من أنك على إستعداد تام للتعامل معه.
- لا تحاول إثارته بل جادله بالتي هي أحسن.
- حاول أن تستخدم معلوماته و أفكاره.
- كن حازماً عند تقديم وجهة نظرك.
- أفهمه إن الإنسان المحترم على قدر إحترامه للآخرين.
- ردد على مسامعه الآيات والأحاديث المناسبة.
- إستعمل معه أسلوب: نعم..... ولكن.....
الشخص الثرثار:
- كثير الكلام ويتحدث عن كل شيء وفي كل شيء.
- يعتقد أنه مهم.
- يمكن ملاحظة رغبته في التعالي إلا أنه أضعف مما تتوقع.
- يتكلم عن كل شيء باستثناء الموضوع المطروح للبحث.
- يقع في الأخطاء العديدة.
- واسع الخيال ليثبت وجهة نظره.
كيف نتعامل معه؟
- قاطعه في منتصف حديثه وعندما يحاول إستعادة أنفاسه, قل له: يا سيد... ألسنا بعيدين عن الموضوع المتفق عليه؟
- أثبت له أهمية الوقت وأنك حريص عليه.
- أشعره بأنك غير مرتاح لبعض أحاديثه وذلك بالنظر إلى ساعتك.... وبالتنفيخ والخ.....
الشخص الذي تتصف ردود فعله بالبطء والبرود:
- يتميز بالبرود ويصعب التفاهم معه.
- يتميز بدرجة عالية من الإصغاء ويتفهم المعلومات.
- لا يرغب في الإعتراض على الأفكار المعروضة.
- يتهرب من الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه.
- لا يميل للآخرين فهو غير عاطفي.
كيف نتعامل معه؟
- عالجه بأسلوبه من خلال إصغائك الجيد.
- وجه إليه الأسئلة المفتوحة التي تحتاج إلى إجابات مطولة.
- إستخدم معه الصمت لتجبره على الإجابة.
- لتكن بطيئاً في التعامل معه ولا تتسرع في خطواتك.
- أظهر له الإحترام والود.
الشخصية المعارضة دائماً:
- لا يبالي بالآخرين لدرجة أنه يترك أثراً سيئاً لديهم.
- يفتقر إلى الثقة لذا تجده سلبياً في طرح وجهات نظره.
- تقليدي ولا تغريّه الأفكار الجديدة ويصعب حثّه على ذلك.
- لا مكان للخيال عنده, فهو شخصية غير مجددة.
- عنيد, صلب, يضع الكثير من الإعتراضات.
- يذكر كثيراً تاريخه الماضي.
- يلتزم باللوائح والأنظمة المرعية نصاً لا روحاً.
- لا يميل للمخاطرة خوفاً من الفشل.
كيفية التعامل معه:
- التعرف على وجهة نظره من خلال مواقفنا الإيجابية معه.
- تدعيم وجهة نظرك بالأدلة للرد على إعتراضاته.
- أكد له على أن لديك العديد من الشواهد التي تؤيد أفكارك.
- عدم إعطائه الفرصة للمقاطعة.
- قدم أفكارك الجديدة بالتدريج.
- لتكن دائماً صبوراً في تعاملك معه.
- إستعمل أسلوب: نعم.... ولكن.....
الشخص مدعي المعرفة:
- لا يصدق كلام الآخرين ويبدي دائماً إعتراضه.
- متعالي’ ويحب السيطرة الكلامية ويميل إلى السخرية.
- عنيد, رافض, ومتمسك برأيه.
- يفتخر ويتحدث عن نفسه طيلة الوقت.
- شكاك, ويرتاب بدوافع الآخرين.
- يحاول أن يعلمك حتى عن عملك أنت.
كيف نتعامل معه؟
- تماسك أعصابك وحافظ على هدوئك التام.
- تقبل تعليقاته ولكن عليك أن تثابر في عرض وجهة نظرك.
- إلجأ في مرحلة ما إلى الإطراء والمدح.
- إختر الوقت المناسب لمقاطعته في مواضيع معينة.
- لتكن واقعياً معه دائماً.
- لا تفكر في الإنتقام منه أبداً.
- إستعمل أسلوب: نعم ...... ولكن....
الشخص المتعالي:
- يعتقد أن مكانه وسط المجموعة لا يمثل المكانة التي يستحقها وأن ذلك يمثل مستوى أقل بكثير مما يستحق.
- يحاول تصيّد السلبيات لدى الآخرين ويحاول إيصالهم إلى المواقف الحرجة.
- يعامل الآخرين بتعال لإعتقاده أنه فوق الجميع.
كيف نتعامل معه؟
- لا تحاول إستخدام السؤال المفتوح معه, لأنه ينتظر ذلك ليحاول إثبات أن لديه المعلومات المتخصصة حول الموضوع المطروح أكثر بكثير مما لديك, لأنه يشعر عند توجيه السؤال المفتوح إليه أنه هو حلال المشاكل وأن رأيك لا يمثل أي قيمة بالنسبة له.
- إستعمل معه أسلوب: نعم...... ولكن.... مثال: إنك فعلاً على حق ولكن لو فكرت معي في.....
الشخص كثير المطالب:
- صعب المراس, ولكنه ليس من الشاكين أو الغضبانين.
- يصعب التعامل معه بكثرة المطالب.
- يحرجك بإلحاحه لأن تؤدي له خدمة عند سفره مثلاً.
كيف نتعامل معه؟
عالجه بالمراوغة والتسويف: أخبره أنك ستفكر في طلبه وتحدثه في شأنه لاحقاً, وعندها تستطيع أن تفكر فعلاً بما ستخبره, قل له: إنني مرتبط بمواعيد كثيرة, أرجو ألا تتوانى في الإتصال بي مرة ثانية.
الشخص الباحث عن الأخطاء:
مقولته المشهورة: الهجوم خير وسيلة للدفاع.
- يتصيد الأخطاء على درجة عالية.
- لديه دائماً مجموعة من الأسئلة ليواجه بها الآخرين.
- تراه يتنقل من مكان لآخر بحثاً عن الأخطاء.
- ليس لديه إحترام لمشاعر الآخرين.
كيف نتعامل معه؟
- لا تفقد السيطرة على أعصابك معه.
- لا تفتح له الباب الكامل ليقول كل ما عنده.
- أصغ إليه بدرجة عالية.
- أفهمه أن لكل إنسان حدود يجب أن يلتزم بها.
- لا تعطيه الفرصة للسيطرة الكلامية.
ملاحظة: كما ذكرت وأذكر دائماً, بأن هدفي من الموقع ومن الكتابة هي تزويدكم بالمعلومات, هناك من يوافق وهناك من يعارض على كتاباتي وهذا منطقي جداً. ومن منطلق حرية التعبير عن الرأي وإحترام الرأي الآخر أدعوكم للكتابة والنقاش البناء للمساهمة في بناء مجتمع مثقف وحضاري.
لكل موضوع فائدة..... ومع كل فائدة متعة.....
وفي النهاية أتمنى لكم ولجميع أفراد عائلاتكم الصحة والعافية.
الأخصائي إميل سمعان
زورونا في المركز وستشعرون في التغيير
المفال منقول جزئياً