التانترا كلمة سنسكريتية مكونة من جزئين فـ - "تان" تشير إلى التمدد والإتساع, و- "ترا" تعني التحرر, وهكذا التانترا تعني الممارسة التي ترتقي بالكائنات الإنسانية من خلال عملية توسع عقولهم, وتقودهم من النقص إلى الكمال, ومن التقيد إلى التحرر.
التانترا هو مذهب وكان قد أسسه "ساراها" الذي ولد بعد بوذا بقرنين تقريباً. ومذهب التانترا كان قد غزى التيبيت في الوقت الذي كان قد غزى مذهب "الزن" الصين وكوريا واليابان.
الرؤيا الأساسية للتانترا هي أن العالم غير مقسّم إلى أعلى وأدنى, فالعالم هو قطعة واحدة, بالأعلى والأدنى أيادٍ متشابكة. الأعلى يتضمن الأدنى, والأدنى يتضمن الأعلى. الأعلى يتوارى في الأدنى. لهذا فإن الأدنى لا ينبغي إنكاره ولا ينبغي إدانته, ولا ينبغي أن يُحطّم أو يُقتل. الأدنى يجب أن يتحول ويجب أن يًسمح له بالحركة إلى الأعلى, فالأدنى يصبح أعلى.
السم والرحيق طوران لنفس الطاقة, وكذلك الحياة والموت وكل شي: الليل والنهار, الحب والكراهية, والجنس والوعي الفائق. الين واليانغ....
تقول التانترا: لا تُدن أي شيء أبداً. فالإدانة تصرّف أحمق. فحين تدين شيئاً ما, فإنك تحرم نفسك من تطوير الأدنى عندما تتوفر له الإمكانية.
الإنسان اليوم سجين, فقد أدانوا كل شيء... بدءاً من الطعام وصولاً للجنس, من العلاقة وحتى الصداقة, لقد أدانوا كل شيء. فالحُب مُدان, والجسد مُدان والعقل مُدان. لم يتركوا بوصلة واحدة كي تقف فوقها, لقد سلبوا كل شيء وتركوا الإنسان مُعلّقاً مُعلقاً تماماً.
يقول أصحاب مذهب التانترا, بأن التانترا هي الوحيدة التي لم يكن لديها تعصّب ذكورياً. والحقيقة, بأنك لكي تدخل إلى عالم التانترا تحتاج لأن تتعاون مع إمرأة حكيمة.
شيء آخر يجب أن تتذكره عن التانترا, هو أن الشخص الأكثر ثقافة والأكثر تحضّراً, هو الأقل إمكانية في تحوله إلى التانترا. والشخص الأقل تحضراً والأكثر بدائية, هو الشخص الأكثر حيوية. فكلما أصبحت أكثر تحضراً كلما أصبحت أقرب إلى البلاستيك.... فحين تصبح مصطنعاً ومثقفاً أكثر من اللزوم, تفقد جذورك في الأرض. فغير المتعلمين وغير المثقفين هم الأكثر نشاطاً ولديهم حيوية أكثر, وطاقته ما زالت بدائية.
التانترا تقول: "لكي تعثر على الإنسان الحقيقي عليك أن تمضي إلى الجذور."
لذا على الشخص الذي يرغب بالتعلم والإنتماء لمذهب التانترا, عليه أن يترك كل ما تعلمه وما عرفه, وأن يبدأ حياته من جديد. كطفل مولود حديثاً.
مذهب التانترا يقول أيضاً: إن الفكر هو الماضي المتراكم من كل الأعمال الناقصة. قم بأي عمل بصورة كاملة فتتحرر منه, ولا تنظر إلى الخلف, فالرجل الحقيقي لا ينظر للخلف أبداً... لأنه لا يوجد شيء لتنظر إليه, الرجل الحقيقي ليس له تبعات. إنه ببساطة يمضي للأمام.
التانترا تعتمد على البهجة والفرح, أن تعيش بفرح مستمر. أن ترقص وتغني بإستمرار, لأنه لا فرق إذا حدث الموت أو الحياة, إذا كان شخص يولد أو يموت. فالحياة مستمرة وباقية. التانترا لعب, لأن التانترا هي أعلى شكل متطور للحب: فالحب لعب.
التانترا تقول: غيّر كيانك أولاً وبعدها يتغير عملك تلقائياً. حقق أولاً نوعاً مختلفاً من الوعي, وسيلي ذلك نوع مختلف من الفعل ومن الشخصية السلوكية.
تؤمن التانترا بالكيان وليس بالفعل ولا الشخصية. لهذا سميّت أيضاً "أنشودة الفعل البشري".. لأنه حالما يتحوّل الكيان, تكون أفعالك قد تحوّلت. تلك هي الطريقة الوحيدة لكي تغيّر أفعالك.
إذا غيّرت كيانك ستكون الجنّة في متناولك. ستهبط الجنة إليك. إن غيرت وعيك ستأتي الجنة إليك, لا أن تذهب إليها. إذا لم يتغير كيانك, ستدخل في صراع, وتواجه شيئاً غير موجود. ستصبح مخادعاً ومخادعاً أكثر, فتغدو شخصين, وتصبح مريضاً بالفصام ومنقسماً. فتلعب مع نفسك لعبة الغميّضة. وسيكون الألم والقلق طبيعياً في مثل هذه الحالة. وهذه هي جُهنّم.
ما لم تفهم الموت فلن تكون قادراً أبداً على فهم الحياة. لو تمعّنت بالموت بعمق لوجدت أن الحياة لا تموت أبداً, لو نفذت بعمق إلى حقيقة الموت, لوجدت أن الحياة مستمرة حتى ما بعد الموت, فالموت لا يغيّر من الأمر شيئاً, الموت هو موت معنوي. إنك لا تعرف شيئاً عن الحياة. فالحياة خالدة أبدية. وبالتالي فإن الجسد وحده هو الذي يموت. الموتى فقط هم الذين يموتون, والحي يستمر بالحياة.
في التانترا يجلس الرجل أمام المرأة, المرأة العارية, وعليه أن يمعن النظر فيها أكثر فأكثر, حتى تختفي الرغبة تماماً في مشاهدة امرأة عارية. عندئذٍ يتحرر الرجل من الشكل.
عندما تصل التانترا إلى ذروتها النهائية, يحصل الإدراك: فلا أنت موجود ولا أنت حقيقي, لا أنت موجود ولا أنا, كلانا متلاشيان. لا يوجد سوى صفرين مجتمعين... لا يوجد أنا وأنت, ولا أنت وأنا, فنحن صفران, حيّزان فارغان يذوب أحدهما في الآخر, حيث أنا وأنت أجزاء من الفكر.
إبدأ بمراقبة نفسك ولا تبدد طاقتك بمراقبة الآخرين. فهي خسارة مطلقة ولن يشكرك على هذا أي شخص أبداً, لأنها عمل مُنكر. ومن كان من تراقبه سيشعر بالإهانة. لأنه ما من شخص يرغب بأن يكون مراقباً, وكل شخص يرغب بأن تكون له حياته الخاصة.
الحياة ليست مشكلة على الإطلاق. إنها لغز لكي تعيشه وتتمتع به. فأنت من خلق المشاكل لأنك تخشى التمتّع بالحياة, تخشى أن تعيش الحياة. والمشاكل تخلق لديك مناعة ضد الحياة, ضد المتعة وضد الحب. تفحّص المشاكل إذن وستجدها زائفة.
في اللحظة التي تقول فيها للمشكلة, حسناً. تكون فد توقفت عن شحنها بالطاقة. لقد تقبلتها! وفي اللحظة التي تتقبل فيها المشكلة, لا تعود مشكلة. المشكلة يمكن أن تكون مشكلة عندما تستمر في رفضها. وعندما تقول لا ينبغي أن يحصل هكذا... آنذاك ستتعزّز المشكلة.
وبالتالي فإن الوسيلة الوحيدة للخروج مما يسمى بالمشاكل هي أن تتقبل حياتك بصورة صحيحة مثلما هي في هذه اللحظة. عشها وتمتع وإبتهج بها. لأن اللحظة التالية ستكون ممتعة لكونها تخرج من هذه اللحظة, واللحظة التي تليها أيضاً ستكون أكثر متعة, وشيئاً فشيئاً, ستصبح أكثر وأكثر فرحاً. ليس لأنك ستغدو فرحاً من خلال تحسن وضعك, بل من خلال عيش اللحظة.
الأعزاء: حاولت في مقالتي هذه أن أطلعكم على أهم المباديء الأساسية لمذهب التانترا لعلي أُساهم ولو في القليل في نقل معلومات مفيدة لحضراتكم.
ملاحظة:كما ذكرت وأذكر دائماً, بأن هدفي من الموقع ومن الكتابة هي تزويدكم بالمعلومات, هناك من يوافق وهناك من يعارض على كتاباتي وهذا منطقي جداً. ومن منطلق حرية التعبير عن الرأي وإحترام الرأي الآخر أدعوكم للكتابة والنقاش البناء للمساهمة في بناء مجتمع مثقف وحضاري.
لكل موضوع فائدة..... ومع كل فائدة متعة.....
وفي النهاية أتمنى لكم ولجميع أفراد عائلاتكم الصحة والعافية.
مركز العلاج البديل هو الأول والوحيد في المجتمع العربي في البلاد...
نقدم من خلاله العلاج الفردي والجماعي.. ننظم دورات مهنية في الداخل وبدول عربية مختلفة...
لا تترددوا بالإتصال معنا على الهاتف
محلي: 0503133766 دولي: 00972503133766
أو على البريد الإلكتروني في أسفل الصفحة. بالنجاح للجميع...