يقول المفكّر الكبير أوشو:
إن ما تُحسّ به في نهاية العملية الجنسية والذي تُسمّيه "نَشوَة" ما هو إلا تحرير وهدر للطاقة... أي أنه مجرد عطسة... وهي ظاهرة موضعيّة جداً مُقتصرة على الأعضاء الجنسية أو قد تصل إلى الذنَب على الأكثر...
هذه العطسة سلبيّة لأنك ببساطة تخسر الطاقة...
أما النشوة الجنسية الحقيقية أو الرعشة الجنسية الكاملة ليست تفريغاً للطاقة... بل شيء مختلف ذو بعد آخر تماماً... إنها صلاةٌ ووَصلةٌ تصلك بالمحيط الكوني المتجدّد... ومن بعدها تشعر بالنشاط لا بالإنهاك...
آآآآآآه يا إنسان هذه الأيام...
لو تفهم وتختبر ما هي النشوة الحقيقية للجنس... إنها الحالة التي تشعر فيها أنك لا تشعر!!! أنك غير موجود... تَسبح وتُسبِّح في الوجود...
عندما يصبح جسدك كتلةً كهربائية لا محدودة...
عندما يتجاوز حدود المادة ويرتعش بكامله كأمواج من الطاقة... كالكهرباء تماماً... رعشةٌ عميقة جداً... تتدفّق من روحك وتنتشر إلى كل كيانك...
عندها يتّحد العاشقان مع الله المعشوق الأبدي...
وهذا بالضبط ما يحصل وما تكتشفه أثناء الرعشة الجنسية الكاملة التي تأخذك إلى أعمق طبقة في جسمك... فتختفي المادة تماماً... ولا يبقى إلا الأمواج المهتزّة... وتتحوّل أنتَ بها إلى رقصةٍ طاقيّةٍ كونيّةٍ تتجاوز بها كل الحدود...
ولا تزال تشعر بنبضك يتوحَّد مع نبض المحبوب لكنه ليس مادياً أبداً... إنه نبض الكون... نبض الحياة...
وما هذه إلا لَمحةٌ وصَفعة وصَحوة من خلال الرعشة الجنسية الحقيقية...
تصهرُ طاقاتك المتجمّدة لتُوحِّدك مع الأكوان والرحمان... مع المرأة والرجل... مع الأشجار والنجوم... وحتى مع الصخور... مع النور الموجود في كل ذرَّة من ذرات الوجود...
ومع أن ذلك يدوم للحظات قصيرة فقط...
لكنها كافية لكي تخترق حاجز الموت إلى الحياة الحقيقية المستمرة في كل آنٍ ومكان... وتختبر فيها وعياً مختلفاً تماماً عن وعيك المعتاد... عن الوهْم الذي خُدعتَ به وظننتَه الحقيقة...
إنها تمنحك لمحاتٍ من الوعي الكوني الأبدي المقدَّس... لأنها تأتي إليك من الكليّة... من الله...
وهذا هو حال الوجود دوماً... رقصةٌ كونية مع الأكوان والمكوِّن...
للأسف لا أحد يعرف الحب ولا الجنس الحقيقي... الحب والجنس الحقيقي الذي يأخذك إلى قممٍ عالية من الإبتهاج والنشوة الجنسية والرومانسية والمشاعر الجيّاشة.... وهذا أمر خطير بالنسبة للمجتمع... بأن يسمح للناس بالسمو عالياً جداً... فيرون أشياءً فاتنة الجمال من ذلك العلوّ الشاهق العميق...
ولذلك يمنع عنا مثل هذا الحب كما يمنع عنا الجنس...
وما نتعلمه هو الحب الوهمي القائم على خداع أنفسنا والآخرين فعلاً...
الحبّ والجنس خطير على الجهلاء... وأكثرنا للجنس والحب كارهون...
لكنني أتمنّى أن يصبح الحبّ والجنس الحقيقي مُتاحاً للجميع...
أنت يا عزيزي لا تعرف معنى الراحة والاسترخاء أبداً... لأنك تفكِّر باستمرار وتنتقل جنسياً من فكرة إلى أُخرى ومن امرأة إلى أخرى... دون أن تسمح لنفسك أن تشعر بأي فواصل بينها... لذلك أصبحت ممارستك للجنس مجرد سيلاً هائجاً فارغ المعنى والإحساس لدرجة أنك لا تشعر بأنك تخدع نفسك فقط...
بعض الناس يستطيعون أن يرتقوا بجنسهم ليصلوا إلى حبِّ الكون والوجود والحياة... وليس فقط حب الشريك...
الجنس دائماً اسود بعيون من يراه كذلك... هنالك حقيقة أساسية... على الجميع أن يكون مدركاً لها وهي ملاحظة أخيرة لاختتام هذه الخواطر المتواضعة عن التأمل الجنسي...
إن ما نمارسه في حياتنا في الواقع ليس حياة جنسية انه مجرد وهم ومخدر, وغسيل دماغ, وفصام عن الكيان الحقيقي للإنسان.... إن ما نمارسه في حياتنا اليوم ليست أكثر من عبودية تناسلية, ليست إلا مرضاً وسقماً واستهلاكاً تجاريّاً....
أنا فعلاً لا أفهم كيف تحولت النشوة الجنسية كهدف روحاني موجود في كل مكان إلى مجرد شهوة حيوانية...
يجب علينا فعلاً تحرير الجنس من الشعور بالإثم والخطيئة والكبت والحرمان والضعف الذي يحيط به...
النشوة الجنسية الحقيقية لا تعني الإباحية, وإنما بلوغ المحبة...
الجنس هو حب الإنسان لإنسانيته...
الجنس الروحي الحقيقي هو ذلك الذي ينبع من إدراك التطابق مع الآخر فيكون الإتحاد الجسدي بين المرأة والرجل بمثابة السر المقدس الذي يشكِّل دعامة راسخة للنشوة وإعادة تكوين روحية للكيان برمَّته...
بعبارة أخرى فإن النشوة الجنسية هي تصعيد التناسلية من مادَّتها المتركِّزة في الأعضاء التناسلية إلى صيرورتها كطاقةً حيوية ووحدة مع الآخر...
الجنس مثل النوم... لا تدري متى تستلذه...
قبل النوم... لم تجربه...
وخلاله... لست في وعيك...
وبعده... ماض...
وبين هذا وذاك هنالك ثوان من الانتعاش والنشوة...
ما أجملها من ثوان وأروعها من لحظات نقضي كل لحظات حياتنا بحثاً عنها ونسهر الليالي نفكر فيها...
أنها رقصة كونية لا يعرفها إلا العارفون...
الطاقة الجنسية هي عينها الطاقة الروحية والمهم إن تتوازن وتتوحد بينهما (سالب + موجب)...
الرغبة الجنسية التناسلية هي تماماً كالمرآة التي تعكس الصورة... أما النشوة الجنسية الروحية فهي التي تمنح هذه المرآة صفاء الانعكاس... هي الّتي تجعل مرآتنا تعكس صورتنا روحاً وجسداً...
المقالة منقولة....
ملاحظة: كما ذكرت وأذكر دائماً, بأن هدفي من الموقع ومن الكتابة هي تزويدكم بالمعلومات, هناك من يوافق وهناك من يعارض على كتاباتي وهذا منطقي جداً. ومن منطلق حرية التعبير عن الرأي وإحترام الرأي الآخر أدعوكم للكتابة والنقاش البناء للمساهمة في بناء مجتمع مثقف وحضاري.
لكل موضوع فائدة... ومع كل فائدة متعة...
وفي النهاية أتمنى لكم ولجميع أفراد عائلاتكم الصحة والعافية.
الأخصائي إميل سمعان
زورونا في المركز وستشعرون بالتغيير