كنت قد نشرت أو بالأحرى نقلت مقالة سابقة بالموقع بعنوان: "الجنس في الفلسفة التاوية الصينية" . هذه المقالة لاقت ردود فعل إيجابية لدى الكثير من القراء.
ولكن الفلسفة التاوية هي ليست فقط فلسفة جنسية, ففيها الكثير الكثير من المعاني والقيم والفلسفة الوجودية. لذا رأيت أنه من واجبي المهني أن أنقل لكم جوهر الفلسفة التاوية ربما تلقى لديكم الإستحسان.
يعتقد المؤرخون بأن فلسفة "التاو" أو "الوحدة الكليّة" نشأت ما قبل التاريخ وآخرون يعتقدون بأنها نشأت بين القرنين الرابع والسادس قبل الميلاد في بلاد الصين في فترة حكم أسرة هان الملكية على يد لاو-تسو. والفلسفة التاوية تشمل تيارين أو مدرستين: الأولى مدرسة فلسفية والثانية مدرسة دينية. لذا تعتبر التاوية الثانية من حيث تأثيرها على المجتمع الصيني بعد الكونفوشيوسية.
المقصود بمصطلح "التاو" هو الطريقة أو المنهج الذي يستدل به على الوحدة الكلية المطلقة للوجود, وهذه الوحدة تشمل كل الموجودات بدايةً بالمجرات السماوية, الكواكب, النجوم. وصولاً لخلق الإنسان بالإضافة لطريقة تغيّرها عبر الزمن.
التاو هو المبدأ الأول المحيط بكل شيء والموجود في كل شيء. المركز الساكن الذي تدور حوله عجلة الوجود والثابت الذي به تقوم الحركة والمتحركات. ليس له بداية أو نهاية, باطنه فارغ وظاهره ما لا يحصى من الموجودات. التاو خميرة العالم ولكنه ليس خالقاً أو صانعاً له بالمفهوم المعتاد للخلق, بل هو أشبه ما يكون بمفهومنا الحديث عن القوانين الطبيعية التي أنتجت العالم وتعمل على إدامته بشكل تلقائي وعفوي. فالتلقائية هي جوهر التاو وأسلوبه في الفعل والإنجاز, وهذه التلقائية هي شيمة جميع الفعاليات على مستوى الكون وعمليات الطبيعة.
الفلسفة التاوية تدعو إلى احترام الذات والإنعزال عن الحياة العامة, وإتباع نوع من التصوف والعبادة التأملية والتي ارتبطت باليوغا الخاصة بها.
مبدأ التاو يفسر النشوء والتغير. ويقال بأنه أكبر من أن يدركه عقل الإنسان الذي لا يستطيع الوصول للجوهر. لذلك أصبح من الضروري تدريب وتقوية العقل الباطن, التأمل, الحدس الذي يمكن من الفهم دون التجربة.
تؤمن الفلسفة التاوية بمبدأ دورية الزمن, وتعني إن كل شيء في الوجود يمرّ بدورة كاملة تبدأ بالنشوء ثم الميلاد ثم الطفولة والشباب, حتى تصل إلى مرحلة النضج والقوة القصوى ثم تبدأ بالانحلال إلى أن تصل مرحلة الموت. ثم تبدأ من أشلاء هذه الدورة دورة أخرى تحمل بذور ازدهارها ودمارها معا في آن واحد.
هذه الدورات تمت ملاحظتها من قبل الفلاسفة الصينيون القدماء في دورة اليوم الواحد, وفي دورة المواسم السنوية, وفي دورة الطبيعة في الإخصاب والإنبات ثم الازدهار ثم الذبول والموت.
من الجدير بالذكر, أن مبدأ الوحدة الكلية الشاملة الذي هو أصل الأشياء في التاو, لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وجود التكامل والتوازن بين قطبيه الرئيسيين المتضادين اليين واليانغ: اليينYin السالب, واليانغ Yang الموجب. عندما يتعادل اليين واليانغ تصبح الأشياء جيده, يكون هناك سلام وخير, وتتحقق صحة الجسد والنفس. وعندما يختل التوازن والتكامل بين هذين القطبين يحدث الصراع والمرض والحزن والشقاء والجوع والمشاكل.... الخ.
من هنا فإن أي ظاهرة في الوجود ليست الا تجلياً لمبدأ التاو الذي يوازن بين قطبين نقيضين. فإن الين واليانغ متكاملان ومتضادان في نفس الوقت, ووجود أحدهما في حالة ما ملزم لوجود الحالة المناقضة بل هو شرط لها: فالظلمة لا توجد من غير نور, ومن غير البرودة لا نعرف بأن هناك حرارة, كما أنه لا معنى لوجود الشمال بدون أن يكون هناك جنوب.
الين واليانغ
إن الدائرة التي تحوي النصفين الأبيض والأسود ترمز إلى الوحدة الكلية الشاملة, أما النصف الأبيض وفي رأسه عين سوداء فيمثل اليانغ, أما النصف الأسود بعين بيضاء فيمثل الين, وكلاهما متداخلان في حركة دائرية تنم عن التفاعل بين نقيضين. وتفاعل الين واليانغ في تكامل وتناقض هو الأساس في إنتاج الطاقة والتي هي أصل الحركة.
ملاحظة:كما ذكرت وأذكر دائماً, بأن هدفي من الموقع ومن الكتابة هي تزويدكم بالمعلومات, هناك من يوافق وهناك من يعارض على كتاباتي وهذا منطقي جداً. ومن منطلق حرية التعبير عن الرأي وإحترام الرأي الآخر أدعوكم للكتابة والنقاش البناء للمساهمة في بناء مجتمع مثقف وحضاري.
لكل موضوع فائدة..... ومع كل فائدة متعة.....
وفي النهاية أتمنى لكم ولجميع أفراد عائلاتكم الصحة والعافية.
مركز العلاج البديل هو الأول والوحيد في المجتمع العربي في البلاد...
نقدم من خلاله العلاج الفردي والجماعي.. ننظم دورات مهنية في الداخل وبدول عربية مختلفة...
لا تترددوا بالإتصال معنا على الهاتف
محلي: 0503133766 دولي: 00972503133766
أو على البريد الإلكتروني في أسفل الصفحة. بالنجاح للجميع...